[۸۹۰] [۸۹۱] [۸۹۲] [۸۹۳] [۸۹۴] [۸۹۵] [۸۹۶] [۸۹۷] [۸۹۸] [۸۹۹] [۹۰۰] [۹۰۱] [۹۰۲] [۹۰۳] [۹۰۴] [۹۰۵] [۹۰۶] [۹۰۷] [۹۰۸] [۹۰۹] [۹۱۰] [۹۱۱] [۹۱۲] [۹۱۳] [۹۱۴] [۹۱۵] [۹۱۶] [۹۱۷] [۹۱۸] [۹۱۹] [۹۲۰] [۹۲۱] [۹۲۲] [۹۲۳] [۹۲۴] [۹۲۵] [۹۲۶] [۹۲۷] [۹۲۸] [۹۲۹] [۹۳۰] [۹۳۱] [۹۳۲] [۹۳۳] [۹۳۴] [۹۳۵]
کتاب إحیاء الموات
المراد بالموات: الأرض المتروکة التی لا ینتفع بها انتفاعاً معتدّاً به ولو بسبب انقطاع الماء عنها أو استیلاء المیاه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ علیها، سواء ما لم یکن ینتفع منها أصلاً وما کان الانتفاع الفعلی منها غیر معتدّ به کالأراضی التی ینبت فیها الحشیش فتکون مرعی للدوابّ والأنعام، وأمّا الغابات التی یکثر فیها الأشجار فلیست من الموات بل هی من الأراضی العامرة بالذات.
ج۲ مسئله ۸۹۰ : الموات علی نوعین:
۱. الموات بالأصل، وهو ما لم تعرض علیه الحیاة من قبل، وفی حکمه ما لم یعلم بعروض الحیاة علیه کأکثر البراری والمفاوز والبوادی وسفوح الجبال ونحو ذلک.
۲. الموات بالعارض، وهو ما عرض علیه الخراب والْمَوَتان بعد الحیاة والعمران.
ج۲ مسئله ۸۹۱ : الموات بالأصل وإن کان ملکاً للإمام (علیه السلام) – حیث إنّه من الأنفال – ولکن یجوز لکلّ أحد إحیاؤه، فلو أحیاه کان أحقّ به من غیره، سواء أکان فی دار الإسلام أم فی دار الکفر، وسواء أکان فی أرض الخراج أم فی غیرها، وسواء أکان المحیی مسلماً أم کافراً، ولیس علیه دفع الخراج أو أجرة الأرض إذا کان مؤمناً.
هذا إذا لم یطرأ عنوان ثانوی یقتضی المنع من إحیائه ککونه حریماً لملک الغیر أو کون إحیائه علی خلاف بعض المصالح العامّة فنهی عنه ولی الأمر ونحو ذلک.
ج۲ مسئله ۸۹۲ : الموات بالعارض علی أقسام:
الأوّل: ما باد أهله أو هاجروا عنه وعدّ بسبب تقادم السنین ومرور الأزمنة مالاً بلا مالک کالأراضی الدارسة المتروکة والقری أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة والتی کانت للأُمم الماضیة الذین لم یبق منهم أحد بل ولا اسم ولا رسم، أو أنّها تنسب إلی طائفة لم یعرف عنهم سوی الاسم.
الثانی: ما کان عامراً بالذات حین الفتح ولکن طرأ علیه الموتان بعد ذلک.
الثالث: العامر المفتوح عنوة إذا طرأ علیه الخراب.
الرابع: ما کان لمالک مجهول مردّد بین أفراد غیر محصورین.
الخامس: ما کان لمالک معلوم إمّا تفصیلاً أو إجمالاً لتردّده بین أفراد محصورین.
أمّا القسم الأوّل والثانی فهما من الأنفال، ویجری فیهما ما مرّ فی الموات بالأصل.
وأمّا القسم الثالث فیبقی علی ملک المسلمین فیکون أمره بید ولی الأمر .
وأمّا القسمان الأخیران ففیهما صور :
الأُولی: ما إذا أعرض عنه صاحبه وأباح ما بقی فیه من الأجزاء والموادّ لکلّ أحد، ففی هذه الصورة یجوز إحیاؤه لکلّ من یرید ذلک فیکون بالاحیاء أحقّ به من صاحبه الأوّل.
الثانیة: ما إذا کان صاحبه عازماً علی تجدید إحیائه ولکنّه غیر متمکن من ذلک فی الوقت الحاضر لمنع ظالم أو لعدم توفّر الآلات والأسباب المتوقّف علیها الإحیاء أو لنحو ذلک، وفی هذه الصورة لا إشکال فی أنّه لیس لأحد حقّ التصرّف فیه بإحیاء أو غیره من دون إذنه أو إذن ولیه.
الثالثة: ما إذا لم یکن قاصداً لإحیائه، بل قصد إبقاءه مواتاً للانتفاع القلیل الحاصل منه بوضعه الفعلی کالاستفادة من حشیشه أو قصبه أو جعله مرعی لدوابّه وأنعامه، وحکم هذه الصورة ما تقدّم فی سابقتها من غیر فرق.
الرابعة: ما إذا کان قد أبقاه مواتاً من جهة عدم الاعتناء به وکونه غیر قاصد لإحیائه ولا الاستفادة منه بوضعه الفعلی، وحینئذٍ فهل تزول علقته به – سواء أکان سببها الإحیاء مباشرة أو عن طریق تلقّیه عن محیی سابق بالإرث أو الشراء أو نحوهما أو کان سببها غیره ککونه من الأراضی التی أسلم أهلها طوعاً – فیجوز إحیاؤه للغیر أم لا؟ والجواب: إنّه إذا کان من قبیل الأراضی الزراعیة ومرافقها جاز للغیرإحیاؤها بکرْی أنهارها وإعمارها وإصلاحها للزرع أو الغرس فیکون بذلک أحقّ بها من الأوّل.
وأمّا غیرها فإن کان من قبیل معلوم المالک فالأحوط لزوماً ترک إحیائه من دون إذن صاحبه وعلی تقدیر الإقدام علیه من دون إذنه فالأحوط لزوماً لهما التراضی بشأنه ولو بالمصالحة بعوض، وأمّا إن کان من قبیل مجهول المالک فالأحوط لزوماً أن یفحص عن صاحبه وبعد الیأس عنه فإمّا أن یشتریه من الحاکم الشرعی أو وکیله المأذون فی ذلک ویسلِّم الثمن إلیه لیصرفه علی الفقراء أو یستأذنه فی صرفه علیهم بنفسه وإمّا أن یتصدّق به علی فقیر – بإذنٍ من الحاکم الشرعی – ثُمَّ یستأجره منه بأجرة معینة یتّفقان علیها.
ج۲ مسئله ۸۹۳ : کما یجوز إحیاء البلاد القدیمة الخربة والقری الدارسة التی باد أهلها کذلک یجوز حیازة موادّها وأجزائها الباقیة من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاکل ذلک ویملکها الحائز إذا أخذها بقصد التملّک.
ج۲ مسئله ۸۹۴ : الأراضی الموقوفة التی طرأ علیها الْمَوَتان والخراب علی أقسام:
۱. ما لا یعلم کیفیة وقفها أصلاً وإنّها وقف خاصّ أو عامّ أو أنّها وقف علی الجهات أو علی أقوام.
۲. ما علم أنّها وقف علی أقوام ولم یبق منهم أثر أو علی طائفة لم یعرف عنهم سوی الاسم خاصّة.
۳. ما علم أنّها وقف علی جهة من الجهات ولکن تلک الجهة غیر معلومة أنّها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غیر ذلک.
۴. ما علم أنّها وقف علی أشخاص ولکنّهم غیر معلومین بأشخاصهم وأعیانهم کما إذا علم أنّ مالکها وقفها علی ذرّیته مع العلم بوجودهم فعلاً.
۵. ما علم أنّها وقف علی جهةٍ معینة أو أشخاص معلومین بأعیانهم.
۶. ما علم إجمالاً بأنّ مالکها قد وقفها ولکن لا یدری أنّه وقفها علی جهةٍ کمدرسته المعینة أو أنّه وقفها علی ذرّیته المعلومین بأعیانهم ولم یکن طریق شرعی لإثبات وقفها علی أحد الأمرین.
أمّا القسم الأوّل والثانی: فیجوز إحیاؤهما لکلّ أحد ویکون المحیی أحقّ بهما، فحالهما من هذه الناحیة حال سائر الأراضی الموات.
وأمّا القسم الثالث: فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) جواز إحیائه للجمیع ولکنّه لا یخلو عن إشکال، فالأحوط لزوماً لمن یرید القیام بإحیائه وعمارته بزرع أو نحوه أن یراجع الحاکم الشرعی أو وکیله – مع عدم وجود المتولّی الخاصّ له – ویتّفق معه بشأنه، فإن آجره علیه فاللازم أن یدفع الأجرة إلیه لیصرفها فی وجوه البرّ أو یستأذنه فی صرفها فیها، وکذلک الحال فی القسم الرابع إلّا أنّ الأجرة فیه تُصْرَف علی الفقراء، ولا تصل النوبة فی هذین القسمین إلی بیع العین الموقوفة کلّاً أو بعضاً لتعمیر البعض الآخر مع إمکان استنمائهما بوجه من الوجوه.
وأمّا القسم الخامس: فلا إشکال فی أنّه لا یجوز التصرّف فیه بإحیاء أو نحوه ولا صرف بدل التصرّف فی موارده إلّا بمراجعة المتولّی ولو کان هو الحاکم الشرعی أو الموقوف علیهم المعینین إذا کان الوقف علیهم ولم یکن له متولٍّ خاصّ.
وأمّا القسم السادس: فیجب علی من یرید القیام بعمارته وإحیائه مراجعة متولّی الجهة الخاصّة والذرّیة معاً والاتّفاق معهم بشأنه واستئجاره منهم، وحینئذٍ فإن أجاز الذرّیة صَرْفَ الأجرة فی الجهة المعینة تعین ذلک وإلّا فینتهی الأمر إلی القرعة لتعیین الموقوف علیه، والأحوط لزوماً تصدّی الحاکم الشرعی أو وکیله لإجرائها.
ج۲ مسئله ۸۹۵ : من أحیا أرضاً مواتاً تبعها حریمها بعد الإحیاء، وحریم کلّ شـیء مقدار ما یتوقّف علیه الانتفاع به ولا یجوز لأحد أن یحیی هذا المقدار بدون رضا صاحبه.
ج۲ مسئله ۸۹۶ : حریم الدار عبارة عن مسلک الدخول إلیها والخروج منها فی الجهة التی یفتح إلیها باب الدار، ومطرح ترابها ورمادها وثلوجها ومصبِّ مائها وما شاکل ذلک.
ج۲ مسئله ۸۹۷ : حریم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطین والجصّ إذا احتاج إلی الترمیم والبناء.
ج۲ مسئله ۸۹۸ : حریم النهر مقدار طرح ترابه وطینه إذا احتاج إلی الإصلاح والتنقیة والمجاز علی حافَتَیه للمواظبة علیه.
ج۲ مسئله ۸۹۹ : حریم البئر موضع وقوف النازح إذا کان الاستقاء منها بالید وموضع تردّد البهیمة والدولاب والمِضَخَّة والموضع الذی یجتمع فیه الماء للزرع أو نحوه ومصبُّه ومطرح ما یخرج منها من الطین عند الحاجة ونحو ذلک.
ج۲ مسئله 900 : حریم العین ما تحتاج إلیه فی الانتفاع منها علی نحو ما مرّ فی غیرها.
ج۲ مسئله ۹۰۱ : حریم القریة ما تحتاج إلیه فی حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وکناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهالیها لمصالحهم ومسیل مائها والطرق المسلوکة منها وإلیها ومدفن موتاهم ومرعی ماشیتهم ومحتطبهم وما شاکل ذلک.
کلّ ذلک بمقدار حاجة أهل القریة، بحیث لو زاحم مزاحم لوقعوا فی ضیق وحرج، وهی تختلف باختلاف سعة القریة وضیقها وکثرة أهلیها وقلّتهم وکثرة مواشیها ودوابّها وقلّتها وهکذا، ولیس لذلک ضابط غیر ذلک، ولیس لأحد أن یزاحم أهالیها فی هذه المواضع.
ج۲ مسئله ۹۰۲ : حریم المزرعة ما یتوقّف علیه الانتفاع منها ویکون من مرافقها کمسالک الدخول إلیها والخروج منها ومحلّ بیادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ومرعی مواشیها ونحو ذلک.
ج۲ مسئله ۹۰۳ : الأراضی المنسوبة إلی طوائف العرب والعجم وغیرهم لمجاورتها لبیوتهم ومساکنهم من دون أحقّیتهم بها بالإحیاء باقیة علی إباحتها الأصلیة، فلا یجوز لهم منع غیرهم من الانتفاع بها ولا یجوز لهم أخذ الأجرة ممّن ینتفع بها، وإذا قسّموها فیما بینهم لرفع التشاجر والنزاع لا تکون القسمة صحیحة فیجوز لکلٍّ من المتقاسمین التصرّف فیما یختصّ بالآخر بحسب القسمة.
نعم إذا کانوا یحتاجون إلیها لرعی الحیوان أو نحو ذلک کانت من حریم أملاکهم ولا یجوز لغیرهم مزاحمتهم وتعطیل حوائجهم.
ج۲ مسئله ۹۰۴ : للبئر حریم آخر وهو أن یکون الفصل بین بئر وبئر أُخری بمقدار لا یکون فی إحداث البئر الثانیة ضرر علی الأُولی ضرراً معتدّاً به کجذب مائها تماماً أو بعضاً أو منع جریانه إلیها من عروقها، وهذا هو الضابط الکلّی فی جمیع أقسامها.
ج۲ مسئله ۹۰۵ : للعین والقناة أیضاً حریم آخر وهو – علی المشهور بین الفقهاء(رضوان الله تعالی علیهم) – أن یکون الفصل بین عین وعین أُخری وقناة وقناة غیرها فی الأرض الصلبة خمسمائة ذراع وفی الأرض الرخوة ألف ذراع.
ولکن الصحیح أنّ هذا التحدید غالبی – حیث إنّ الغالب اندفاع الضرر بهذا المقدار من البُعد – ولیس مبنیاً علی التعبّد الشرعی.
وعلیه فلو فرض أنّ العین الثانیة تنقص من ماء الأُولی مع هذا البعد وتضرّ بها ضرراً معتدّاً به لم یجز إحداثها ولا بُدَّ من زیادة البُعد بما یندفع به الضرر أو یرضی به مالک الأُولی، کما أنّه لو فرض عدم ورود الضرر المعتدّ به علیها من إحداث قناة أُخری فی أقلّ من هذا البعد جاز ذلک بلا حاجة إلی الإذن من صاحب القناة الأُولی.
ولا فرق فی ذلک بین إحداث قناة فی الموات وبین إحداثها فی ملکه فکما یعتبر فی الأوّل أن لا یکون مضرّاً بالأُولی فکذلک فی الثانی.
کما أنّ الأمر کذلک فی الآبار والأنهار التی تکون مجاری للماء فیجوز إحداث نهر یجری فیه الماء من منبعه قرب نهر آخر کذلک.
وکذلک إحداث بئر قرب أُخری ولیس لمالک الأُولی منعه إلّا إذا استلزم ضرراً معتدّاً به فعندئذٍ یجوز منعه.
ج۲ مسئله ۹۰۶ : یجوز إحیاء الموات التی فی أطراف القنوات والآبار والعیون فی غیر المقدار الذی یتوقّف علیه الانتفاع منها، فإنّ اعتبار البعد المذکور فی القنوات والآبار والعیون إنّما هو بالإضافة إلی إحداث قناة أو بئر أو عین أُخری فقط.
ج۲ مسئله ۹۰۷ : إذا لم تکن الموات من حریم العامر ومرافقه علی النحو المتقدّم جاز إحیاؤها لکلّ أحد وإن کانت بقرب العامر ولا تختصّ بمن یملک العامر ولا أولویة له.
ج۲ مسئله ۹۰۸ : إنّ الحریم مطلقاً لیس ملکاً لمالک ما له الحریم سواء أکان حریم قناة أو بئر أو قریة أو بستان أو دار أو نهر أو غیر ذلک وإنّما لا یجوز لغیره مزاحمته فیه من جهة أنّه من متعلّقات حقّه.
ج۲ مسئله ۹۰۹ : لا حریم للأملاک المتجاورة، مثلاً لو بنی المالکان المتجاوران حائطاً فی البین لم یکن له حریم من الجانبین وکذا لو بنی أحدهما فی نهایة ملکه حائطاً أو غیره لم یکن له حریم فی ملک الآخر .
ج۲ مسئله ۹۱۰ : إذا لزم من تصرّف المالک فی ملکه ضرر معتدّ به علی جاره فإن کان مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فیما بین الجیران کإطالة البناء بمقدار ما الموجبة لتنقیص الاستفادة من الشمس أو الهواء لم یکن بأس به، وإلّا لم یجز ولو تصرّف وجب علیه رفعه، ولا فرق فی ذلک بین أن یکون تصرّفه فی ملکه مستلزماً للتصرّف الحقیقی فی ملک الجار أو مستلزماً للتصرّف الحکمی فیه.
والأوّل: کما إذا تصرّف فی ملکه بما یوجب خللاً فی حیطان جاره أو حبس ماءً فی ملکه بحیث تسری الرطوبة إلی بناء جاره أو أحدث بالوعة أو کنیفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها أو حفر بئراً بقرب جاره فأوجب نقصان مائها سواء أکان النقص مستنداً إلی جذب البئر الثانیة ماء الأُولی أو إلی کونها أعمق منها.
والثانی: کما إذا جعل ملکه معمل دباغة أو حدادة فی منطقة سکنیة ممّا یوجب عدم قابلیة الدور المجاورة للسکنی فیها.
ج۲ مسئله ۹۱۱ : لا فرق فی عدم جواز تصرّف المالک فی ملکه بما یوجب الإضرار بالجار علی أحد النحوین المتقدّمین بین أن یکون ترک تصرّفه فیه مستلزماً للضرر علی نفسه أم لا، فلا یجوز للمالک حفر بالوعة فی داره علی نحو تضرّ ببئر جاره وإن کان فی ترک حفرها ضرر علیه، ولو فعل ضمن الضرر الوارد علیه إذا کان مستنداً إلیه عرفاً.
نعم لو کان حفر البئر متأخّراً عن حفر البالوعة فلا شـیء علیه ولا یجب علیه طمُّها وإن تضرّرت بئر الجار .
ج۲ مسئله ۹۱۲ : قد حثّ فی الروایات الکثیرة علی رعایة الجار وحسن المعاشرة مع الجیران وکفّ الأذی عنهم وحرمة إیذائهم، وقد ورد فی بعض الروایات: (إنّ حسن الجوار یزید فی الرزق)، وفی بعضها الآخر : (إنّ حسن الجوار یعمّر الدیار ویزید فی الأعمار )، وفی الثالث: (من کفّ أذاه عن جاره أقال الله عثرته یوم القیامة)، وفی الرابع: (لیس منّا من لم یحسن مجاورة من جاوره)، وغیرها ممّا قد أکد فی الوصیة بالجار وتشدید الأمر فیه.
ج۲ مسئله ۹۱۳ : لا یجوز لأحد أن یبنی بناءً علی حائط جاره أو یضع جذوع سقفه علیه إلّا بإذنه ورضاه وإذا طلب ذلک من الجار لم یجب علیه إجابته وإن استحبّ له استحباباً مؤکداً من جهة ما ورد من التأکید والحثّ الأکید فی قضاء حوائج الإخوان ولا سیما الجیران، ولو بنی أو وضع الجذوع بإذنه ورضاه فإن کان ذلک بعنوان ملزم کالشرط فی ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح علیه لم یجز له الرجوع.
وأمّا إذا کان مجرّد الإذن والرخصة جاز له الرجوع قبل البناء والوضع، وأمّا بعد ذلک فهل یجوز له الرجوع مع دفع الأرش أو بدونه أم لا یجوز مطلقاً وحینئذٍ فهل یستحقّ علیه الأجرة أم لا؟ وجوه وأقوال، فلا یترک الاحتیاط بالتصالح والتراضی بینهما ولو بالإبقاء مع الأجرة أو الهدم مع الأرش.
ج۲ مسئله ۹۱۴ : لا یجوز للشریک فی الحائط التصرّف فیه ببناء ولا تسقیف ولا إدخال خشبة أو وتد أو غیر ذلک إلّا بإذن شریکه أو إحراز رضاه بشاهد الحال، کما هو الحال فی التصرّفات الیسیرة کالاستناد إلیه أو وضع یده أو طرح ثوبه علیه أو غیر ذلک، ولو صرّح بالمنع عنها أو أظهر الکراهة لم تجز .
ج۲ مسئله ۹۱۵ : لو انهدم الجدار المشترک فی أساسه وجمیع بنائه وأراد أحد الشریکین تعمیره لم یکن له إجبار الآخر علی المشارکة فیه ولا تعمیره من ماله مجّاناً بدون إذن شریکه، وحینئذٍ فإن کان قابلاً للقسمة کأن کان سمیکاً جدّاً تکفی قاعدته لبناء جدارین مستقلّین علیها جاز له المطالبة بالقسمة ویجبر الممتنع علیها، فیتصرّف کلّ منهما فی حصّته المفروزة بما شاء إلّا بما یتضرّر به الآخر، وإن لم یکن قابلاً للقسمة بوجه ولم یوافقه الشریک فی شـیء جاز له رفع أمره إلی الحاکم الشرعی لیخیره بین عدّة أُمور من بیع أو إجارة أو المشارکة معه فی العمارة أو الرخصة فی تعمیره وبنائه من ماله مجّاناً.
وکذا الحال لو کانت الشرکة فی بئر أو نهر أو قناة واحتاج إلی التعمیر أو التنقیة ونحوهما فإنّه لا یجبر الشریک علی المشارکة فیه کما أنّه لیس لأحد الشریکین الاستقلال فیه من ماله تبرّعاً من دون إذن الآخر، بل إذا تعذّر الاتّفاق معه بأی نحو یرفع أمره إلی الحاکم لیخیره بین عدّة أُمور نظیر ما تقدّم.
ولو أنفق فی تعمیرها أو تنقیتها من ماله فنبع الماء أو زاد من أجل ذلک فلیس له أن یمنع شریکه غیر المنفق من نصیبه من الماء لأنّه فوائد ملکهما المشترک.
ج۲ مسئله ۹۱۶ : لو کانت جذوع دار أحد موضوعة علی حائط جاره ولم یعْلَم علی أی وجهٍ وُضِعَت حُکمَ فی الظاهر بکونه عن حقّ واستحقاق حتّی یثبت خلافه، فلیس للجار أن یطالبه برفعها عنه بل ولا منعه من التجدید لو انهدم السقف، وکذا الحال لو وجد بناءً أو مجری ماء أو میزاب منصوب لأحد فی ملک غیره ولم یعلم سببه فإنّه یحکم فی أمثال ذلک بکونه عن حقّ واستحقاق إلّا أن یثبت کونها عن عدوان أو بعنوان العاریة التی یجوز فیها الرجوع.
ج۲ مسئله ۹۱۷ : لو تنازعا فی جدار ولم یکن لأی منهما بینة فإن کان تحت ید أحدهما فهو له بیمینه، وکذا لو اتّصل ببناء أحدهما دون الآخر أو کان له علیه طرح فإنّه یحکم له به مع الیمین، وأمّا لو کان تحت ید کلیهما أو خارجاً عن یدهما فإن حلفا أو نکلا حکم به لهما وإن حلف أحدهما ونکل الآخر حکم به للحالف.
ج۲ مسئله ۹۱۸ : لو اختلف مالک العلو ومالک السفل فی ملکیة السقف الفاصل بین الطابقین فإن لم یکن لأی منهما بینة علی دعواه کان ذلک من باب التداعی فیتحالفان، إلّا إذا کانت هناک عادة قطعیة تقضی باختصاص أحدهما به فیقدّم قوله بیمینه.
وإن اختلفا فی ملکیة جدران السفل کان القول قول مالک السفل بیمینه إذا لم یکن السقف قائماً علیها – کما فی بعض الأبنیة الحدیثة حیث یتمّ بناء الجدران بعد الفراغ عن بناء الهیکل الأساسی للبنایة – وأمّا مع قیام السقف علیها فحکمها حکم السقف.
وإن اختلفا فی المصعد فالقول قول صاحب العلو بیمینه، وأمّا المخزن تحت الدرجة فالقول فیه قول صاحب السفل بیمینه، وأمّا طریق العلو فی الصحن فحکمه حکم السقف، نعم لا إشکال فی أنّ لصاحب العلو حقّ الاستطراق فیه، وأمّا الباقی فالقول فیه قول صاحب السفل بیمینه.
ج۲ مسئله ۹۱۹ : إذا اختلف صاحب السفل مع الجار فی الغرفة الفوقانیة المفتوح بابها إلی الجار من غیر یدٍ له علیها ولا بینة لأی منهما علی دعواه کان القول قول صاحب السفل بیمینه.
ج۲ مسئله ۹۲۰ : إذا خرجت أغصان شجرة إلی فضاء ملک الجار من غیر استحقاق فله أن یطالب مالک الشجر بعطف الأغصان أو قطعها من حدّ ملکه، وإن امتنع صاحبها یجوز للجار – بإذن الحاکم الشرعی – عطفها أو قطعها، ومع إمکان الأوّل لا یجوز الثانی.
ج۲ مسئله ۹۲۱ : من حاز أرضاً عامرة بالأصالة کالغابات ونحوها کان أحقّ بها من غیره لو لم یمنع عنه مانع شرعی، وإذا کان مؤمناً لم یجب علیه دفع عوض إزاء استفادته منها.
ج۲ مسئله ۹۲۲ : یعتبر فی حصول الأولویة بالإحیاء أن لا یسبق إلیه سابق بالتحجیر وإلّا لزم الاستئذان منه، فلو أحیاه أحد من دون إذنه لم یحدث له حقّ فیه ویتحقّق التحجیر بکلّ ما یدلّ علی إرادة الإحیاء کوضع أحجار أو جمع تراب أو حفر أساس أو غرز خشب أو قصب أو نحو ذلک فی أطرافه وجوانبه.
ج۲ مسئله ۹۲۳ : لا بُدَّ من أن یکون التحجیر مضافاً إلی دلالته علی أصل إرادة الإحیاء دالّاً علی مقدار ما یرید إحیائه، فلو کان ذلک بوضع الأحجار مثلاً فلا بُدَّ من أن یکون فی جمیع الجوانب حتّی یدلّ علی أنّ جمیع ما أحاطت به العلامة یرید إحیائه، نعم فی مثل إحیاء القناة الدارسة الخربة یکفی حفر بئر من آبارها فإنّه یعدّ تحجیراً بالإضافة إلی بقیة آبار القناة، بل هو تحجیر أیضاً بالإضافة إلی الأراضی الموات التی تسقی بمائها بعد جریانه، فلا یجوز لغیره إحیاؤها.
ج۲ مسئله ۹۲۴ : لو حفر بئراً فی الموات لإحداث قناة فیها عُدّ ذلک تحجیراً بالإضافة إلی أصل القناة وبالإضافة إلی الأراضی الموات التی یصل إلیها ماؤها بعد تمامها ولیس لغیره إحیاء تلک الأراضی.
ج۲ مسئله ۹۲۵ : التحجیر – کما عرفت – یفید حقّ الأولویة فی الإحیاء، وهو قابل للنقل والانتقال فیجوز الصلح عنه ویورّث ویقع ثمناً فی البیع، وأمّا جعله مثمناً فلا یخلو عن إشکال، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، نعم یصحّ بیع ما تعلّق به بما هو کذلک.
ج۲ مسئله ۹۲۶ : یعتبر فی کون التحجیر مانعاً تمکن المُحَجِّر من القیام بعمارته وإحیائه فعلاً ولو بالتسبیب، فإن لم یتمکن من إحیاء ما حجّره لمانع من الموانع کالفقر أو العجز عن تهیئة الأسباب المتوقّف علیها الإحیاء جاز لغیره إحیاؤه.
ج۲ مسئله ۹۲۷ : لو حجّر زائداً علی ما یقدر علی إحیائه لا أثر لتحجیره بالإضافة إلی المقدار الزائد.
ج۲ مسئله ۹۲۸ : لو حجّر الموات من کان عاجزاً عن إحیائها لیس له نقلها إلی غیره بصلح أو هبة أو بیع أو نحو ذلک.
ج۲ مسئله ۹۲۹ : لا یعتبر فی التحجیر أن یکون بالمباشرة، بل یجوز أن یکون بالتوکیل والاستئجار، وعلیه فالحقّ الحاصل بسبب عملهما یکون للْمُوَکل والمستأجر لا للوکیل والأجیر .
ج۲ مسئله ۹۳۰ : إذا وقع التحجیر من شخص نیابة عن غیره ثُمَّ أجاز النیابة فهل یثبت الحقّ للمنوب عنه أو لا؟ وجهان، والصحیح عدم الثبوت.
ج۲ مسئله ۹۳۱ : إذا انمحت آثار التحجیر قبل أن یقوم المحجِّر بالتعمیر فإن کان من جهة إهمال المحجِّر بطل حقّه وجاز لغیره إحیاؤه، وإذا لم یکن من جهة إهماله وتسامحه وکان زوالها بدون اختیاره – کما إذا أزالها عاصف ونحوه – لم یبطل حقّه إلّا إذا علم بالحال وتسامح فی تجدید تحجیره.
ج۲ مسئله ۹۳۲ : اللازم علی المحجِّر أن یشتغل بالعمارة والإحیاء عقیب التحجیر، فلو أهمل وترک الإحیاء وطالت المدّة ففی جواز إحیائه لغیره بدون إذنه إشکال، فالأحوط لزوماً أن یرفع أمره إلی الحاکم الشرعی أو وکیله فیلزم المحجِّر بأحد أمرین إمّا الإحیاء أو رفع الید عنه.
نعم إذا أبدی عذراً مقبولاً یمْهَل بمقدار زوال عذره، فإذا اشتغل بعده بالتعمیر ونحوه فهو وإلّا بطل حقّه وجاز لغیره إحیاؤه، وإذا لم یکن الحاکم أو وکیله موجوداً أو لم یمکنه الإلزام سقط حقّ المحجِّر إذا أهمل بمقدار یعدُّ عرفاً تعطیلاً له والأحوط الأولی مراعاة حقّه إلی ثلاث سنین.
ج۲ مسئله ۹۳۳ : لا یعتبر فی حصول حقّ الأولویة بالإحیاء قصد حصوله، بل یکفی قصد الإحیاء والانتفاع به بنفسه أو بمن هو بمنزلته، فلو حفر بئراً فی مفازة بقصد أن یقضی منها حاجته کان أحقّ بها من غیره، نعم لو ارتحل وأعرض عنها سقط حقّه فتکون مباحة للجمیع.
ج۲ مسئله ۹۳۴ : لا بُدَّ فی صدق إحیاء الموات من العمل فیها إلی حدٍّ یصدق علیها أحد العناوین العامرة کالدار والبستان والمزرعة والحظیرة والبئر والقناة والنهر وما شاکل ذلک، ولذلک یختلف ما اعتبر فی الإحیاء باختلاف العمارة، فما یعتبر فی إحیاء البستان والمزرعة ونحوهما غیر ما هو معتبر فی إحیاء الدار وما شاکلها، وعلیه فحصول الأولویة تابع لصدق أحد هذه العناوین ونحوها ویدور مداره وجوداً وعدماً، وعند الشک فی حصولها یحکم بعدمها.
ج۲ مسئله ۹۳۵ : الإعراض عن الملک لا یوجب زوال ملکیته، نعم إذا أباح تملّکه للآخرین فسبق إلیه من تملّکه ملکه، وإلّا فهو یبقی علی ملک مالکه فإذا مات فهو لوارثه ولا یجوز التصرّف فیه إلّا بإذنه أو إعراضه عنه.