فصل (فی طرق ثبوت النجاسة)
طریق ثبوت النجاسة أو التنجس العلم الوجدانی أو البینة العادلة، وفی کفایة العدل الواحد إشکال [۱]، فلا یترک مراعاة الاحتیاط، وتثبت أیضاً بقول صاحب الید بملک أو أجارة أو إعارة أو أمانة بل أو غصب، ولا اعتبار بمطلق الظن وإن کان قویاً [۲]، فالدُهن واللبن والجُبن المأخوذ من أهل البوادی محکوم بالطهارة وإن حصل الظن بنجاستها، بل قد یقال بعدم رجحان الاحتیاط بالاجتناب عنها، بل قد یکره أو یحرم [۳] إذا کان فی معرض حصول الوسواس.
[۲۱۵] مسئله ۱ : لا اعتبار بعلم الوسواسی فی الطهارة [۴] والنجاسة.
[۲۱۶] مسئله ۲ : العلم الإجمالی کالتفصیلی، فإذا علم بنجاسة أحد الشیئین یجب الاجتناب عنهما، إلا إذا لم یکن أحدهما محلاً لابتلائه فلا یجب الاجتناب عما هو محل الابتلاء أیضا.
[۲۱۷] مسئله ۳ : لا یعتبر فی البینة حصول الظن بصدقها [۵]، نعم یعتبر عدم معارضتها [۶] بمثلها.
[۲۱۸] مسئله ۴ : لا یعتبر فی البینة ذکر مستند الشهادة [۷]، نعم لو ذکرا مستندهما وعلم عدم صحته لم یحکم بالنجاسة.
[۲۱۹] مسئله ۵ : إذا لم یشهدا بالنجاسة بل بموجبها کفی وإن لم یکن موجباً عندهما أو عند أحدهما، فلو قالا: إن هذا الثوب لاقی عرق المجنب من حرام أو ماء الغسالة، کفی عند من یقول بنجاستهما وإن لم یکن مذهبهما النجاسة.
[۲۲۰] مسئله ۶ : إذا شهدا بالنجاسة واختلف مستندهما کفی فی ثبوتها [۸]وإن لم تثبت الخصوصیة، کما إذا قال أحدهما: إن هذا الشیء لاقی البول ؛ وقال الآخر: إنه لاقی الدم ؛ فیحکم بنجاسته، لکن لا یثبت النجاسة البولیة ولا الدمیة بل القدر المشترک بینهما، لکن هذا إذا لم ینف کل منهما قول الآخر بأن اتفقا علی أصل النجاسة، وأما إذا نفاه کما إذا قال أحدهما: إنه لاقی البول ؛ وقال الآخر لا بل لاقی الدم ففی الحکم بالنجاسة إشکال.
[۲۲۱] مسئله ۷ : الشهادة بالإِجمال کافیة [۹] أیضاً، کما إذا قالا أحدهذین نجس، فیجب الاجتناب عنهما، وأما لو شهد أحدهما بالإِجمال والآخر بالتعیین کما إذا قال أحدهما: أحد هذین نجس ؛ وقال الآخر: هذا معیناً نجس ؛ ففی المسألة وجوه: وجوب الاجتناب عنهما، ووجوبه عن المعین فقط، وعدم الوجوب أصلا.
[۲۲۲] مسئله ۸ : لو شهد أحدهما بنجاسة الشیء فعلاً والآخر بنجاسته سابقاً مع الجهل بحاله فعلاً فالظاهر وجوب الاجتناب [۱۰]، وکذا إذا شهدا معاً [۱۱] بالنجاسة السابقة، لجریان الاستصحاب.
[۲۲۳] مسئله ۹ : لو قال أحدهما: إنه نجس ؛ وقال الآخر: إنه کان نجساً والآن طاهر ؛ فالظاهر عدم الکفایة [۱۲] وعدم الحکم بالنجاسة.
[۲۲۴] مسئله ۱۰ : إذا أخبرت الزوجة أو الخادمة أو المملوکة بنجاسة ما فی یدها من ثیاب الزوج أو ظروف البیت کفی فی الحکم بالنجاسة، وکذا اذا أخبرت المربیة للطفل او المجنون بنجاسته أو نجاسة ثیابه، بل وکذا لو أخبر المولی بنجاسة بدن العبد أو الجاریة أو ثوبهما مع کونهما عنده [۱۳] أو فی بیته.
[۲۲۵] مسئله ۱۱ : إذا کان الشیء بید شخصین کالشریکین یسمع قول کل منهما فی نجاسته، نعم لو قال أحدهما: إنه طاهر ؛ وقال الآخر: إنه نجس ؛ تساقطا، کما أن البینة تسقط مع التعارض، ومع معارضتها بقول صاحب الید تقدم علیه.
[۲۲۶] مسئله ۱۲ : لا فرق فی اعتبار قول ذی الید بالنجاسة بین أن یکون فاسقاً أو عادلاً بل مسلماً أو کافرا.
[۲۲۷] مسئله ۱۳ : فی اعتبار قول صاحب الید کان صبیاً إشکال [۱۴]، وإن کان لا یبعد إذا کان مراهقا.
[۲۲۸] مسئله ۱۴ : لا یعتبر فی قبول قول صاحب الید أن یکون قبل الاستعمال کما قد یقال، فلو توضأ شخص بماء مثلاً وبعده أخبر ذو الید بنجاسته یحکم ببطلان وضوئه، وکذا لا یعتبر أن یکون ذلک حین کونه فی یده، فلو أخبر بعد خروجه عن یده بنجاسته حین کان فی یده یحکم علیه بالنجاسة [۱۵] فی ذلک الزمان، ومع الشک فی زوالها تستصحب.
فصل فی کیفیة تنجس المتنجسات
یشترط فی تنجس الملاقی للنجس أن یکون فیهما أو فی أحدهما رطوبة مُسریة، فإذا کانا جافَّین لم ینجس وإن کان ملاقیاً للمیتة، لکن الأحوط غَسل ملاقی میت الإنسان قبل الغُسل وإن کانا جافین، وکذا لا ینجس إذا کان فیهما أو فی أحدهما رطوبة غیر مسریة [۱۶]، ثم إن کان الملاقی للنجس أو المتنجس مائعاً تنجس کله، کالماء القلیل المطلق والمضاف مطلقاً [۱۷] والدهن المائع ونحوه من المایعات، نعم لا ینجس العالی بملاقاة السافل إذا کان جاریاً من العالی، بل لا ینجس السافل بملاقاة العالی إذا کان جاریاً من السافل کالفوّارة، من غیر فرق فی ذلک بین الماء وغیره من المائعات، وإن کان الملاقی جامداً اختصت النجاسة بموضع الملاقاة، سواء کان یابساً کالثوب الیابس إذا لاقت النجاسة جزءاً منه أو رطباً کما فی الثوب المرطوب أو الأرض المرطوبة، فإنه إذا وصلت النجاسة إلی جزء من الأرض أو الثوب لا یتنجس ما یتصل به وإن کان فیه رطوبة مسریة، بل النجاسة مختصة بموضع الملاقاة، ومن هذا القبیل الدهن والدِبس الجامدان، نعم لو انفصل ذلک الجزء المجاور ثم اتصل تنجس موضع الملاقاة منه، فالاتصال قبل الملاقاة لا یؤثّر فی النجاسة والسرایة بخلاف الاتصال بعد الملاقاة، وعلی ما ذکر فالبِطیخ والخیار ونحوهما مما فیه رطوبة مسریة إذا لاقت النجاسة جزءاً منها لا تتنجس البقیة، بل یکفی غسل موضع الملاقاة إلا إذا انفصل بعد الملاقاة ثم اتصل.
[۲۲۹] مسئله ۱۵ : إذا شک فی رطوبة أحد المتلاقیین أو علم وجودها وشک فی سرایتها لم یحکم بالنجاسة، وأما إذا علم سبق وجود المسریة وشک فی بقائها فالأحوط الاجتناب، وإن کان الحکم بعدم النجاسة لا یخلو عن وجه [۱۸].
[۲۳۰] مسئله ۱۶ : الذُباب الواقع علی النجس الرطب إذا وقع علی ثوب أو بدن شخص وإن کان فیهما رطوبة مسریة لا یحکم بنجاسته إذا لم یعلم مصاحبته لعین النجس، ومجرد وقوعه لا یستلزم نجاسة رجله، لاحتمال کونها [۱۹] مما لا تقبلها، وعلی فرضه فزوال العین یکفی فی طهارة الحیوانات.
[۲۳۱] مسئله ۱۷ : إذا وقع بَعر الفأر فی الدهن أو الدِبس الجامدین یکفی إلقاؤه وإلقاء ما حوله، ولا یجب الاجتناب عن البقیة، وکذا إذا مشی الکلب علی الطین، فإنه لا یحکم بنجاسة غیر موضع رجله إلا إذا کان وَحَلاً، والمناط فی الجمود والمیعان [۲۰] أنه لو أخذ منه شیء فإن بقی مکانه خالیا حین الأخذ وإن امتلأ بعد ذلک فهو جامد، وإن لم یبق خالیاً أصلاً فهو مائع.
[۲۳۲] مسئله ۱۸ : إذا لاقت النجاسة جزءاً من البدن المتعرق لا تسری إلی سائر أجزائه إلا مع جریان العرق [۲۱] .
[۲۳۳] مسئله ۱۹ : إذا وضع إبریق مملوء ماءاً علی الأرض النجسة وکان فی أسفله ثَقب یخرج منه الماء، فإن کان لا یقف تحته بل ینفذ فی الأرض أو یجری علیها فلا یتنجس ما فی الإبریق من الماء، وإن وقف الماء بحیث یصدق اتحاده مع ما فی الإبریق بسبب الثقب تنجس [۲۲]، وهکذا الکوز والکأس والحُب ونحوها.
[۲۳۴] مسئله ۲۰ : إذا خرج من أنفه نُخاعة غلیظة وکان علیها نقطة من الدم لم یحکم بنجاسة ما عدا محله من سائر أجزائها، فإذا شک فی ملاقاة تلک النقطة لظاهر الأنف لا یجب غسله، وکذا الحال فی البلغم الخارج من الحلق.
[۲۳۵] مسئله ۲۱ : الثوب أو الفرش الملطّخ بالتراب النجس یکفیه نفضه ولا یجب غسله، ولا یضر احتمال بقاء شیء منه بعد العلم بزوال القدر المتیقن.
[۲۳۶] مسئله ۲۲ : لا یکفی مجرد المیعان فی التنجس، بل یعتبر أن یکون مما یقبل التأثر، وبعبارة أخری یعتبر وجود الرطوبة فی أحد المتلاقیین، فالزئبق إذا وضع فی ظرف نجس لا رطوبة له لا ینجس وإن کان مائعاً، وکذا أذا أذیب الذهب أو غیره من الفلزات فی بوطَقة نجسة أو صب بعد الذوب فی طرف نجس لا ینجس، إلا مع رطوبة الظرف أو وصول رطوبة نجسة إلیه من الخارج.
[۲۳۷] مسئله ۲۳ : المتنجس لا یتنجس ثانیاً ولو بنجاسة أخری، لکن إذا اختلف حکمهما یرتب کلاهما فلو کان لملاقی البول حکم والملاقی العذرة حکم آخر یجب ترتیبهما معاً، ولذا لو لاقی الثوب دم ثم لاقاه البول یجب غسله مرتین وإن لم یتنجس بالبول بعد تنجسه بالدم وقلنا بکفایة المرة فی الدم، وکذا إذا کان فی إناء ماء نجس ثم ولغ فیه الکلب یجب تعفیره وإن لم یتنجس بالولوغ، ویحتمل أن یکون للنجاسة مراتب فی الشدة والضعف، وعلیه فیکون کل منهما مؤثراً ولا إشکال.
[۲۳۸] مسئله ۲۴ : إذا تنجس الثوب مثلاً بالدم مما یکفی فیه غسله مرة وشک فی ملاقاته للبول أیضاً مما یحتاج إلی التعدد یکتفی فیه بالمرة ویبنی علی عدم ملاقاته للبول، وکذا إذا علم نجاسة إناء وشک فی أنه ولغ فیه الکلب أیضاً أم لا، لا یجب فیه التعفیر، ویبنی علی عدم تحقق الولوغ، نعم لو علم تنجسه إما بالبول أو الدم أو إما بالولوغ أو بغیره یجب إجراء حکم الأشد [۲۳] من التعدد فی البول والتعفیر فی الولوغ.
[۲۳۹] مسئله ۲۵ : الأقوی أن المتنجس منجس [۲۴] کالنجس، لکن لا یجری علیه جمیع أحکام النجس، فإذا تنجس الإِناء بالوُلوغ یجب تعفیره، لکن إذا تنجس إناء آخر بملاقاة هذا الإناء أو صب ماء الولوغ فی إناء آخر لا یجب فیه التعفیر وإن کان الأحوط خصوصاً فی الفرض الثانی [۲۵]، وکذا إذا تنجس الثوب بالبول وجب تعدد الغسل، لکن إذا تنجس ثوب آخر بملاقاة هذا الثوب لا یجب فیه التعدد، وکذا إذا تنجس شیء بغسالة البول بناء علی نجاسة الغسالة لا یجب فیه التعدد.
[۲۴۰] مسئله ۱۲ : قد مر أنه یشترط فی تنجس الشیء بالملاقاة تأثره [۲۶]، فعلی هذا لو فرض جسم لا یتأثر بالرطوبة أصلا کما إذا دُهّن علی نحو إذا غمس فی الماء لا یتبلل أصلاً یمکن أن یقال إنه لا یتنجس بالملاقاة ولو مع الرطوبة المسریة، ویحتمل أن یکون رجل الزُنبور والذُباب والبَق من هذا القبیل.
[۲۴۱] مسئله ۱۳ : الملاقاة فی الباطن لا توجب التنجیس، فالنُخامة الخارجة من الأنف طاهرة وإن لاقت الدم فی باطن الأنف، نعم لو اُدخل فیه شیء من الخارج ولاقی الدم فی الباطن فالأحوط فیه الاجتناب [۲۷].
[۱]. (اشكال): اذا لم یفد الاطمئنان.
[۲]. (وان كان قویاً): ما لم یصل الى درجة الاطمئنان.
[۳]. (یكره او یحرم): فیه منع.
[۴]. (فی الطهارة): اذا لم تكن هذه الكلمة من زیادة النساخ او من سهو القلم ـ لعدم تناسب ذكرها مع عنوان الفصل وعدم وضوح الوجه فی عدم اعتبار علمه فی الطهارة ـ فلا یبعد ان یكون مراده قدس سره ما سیأتی فی المسألة الخامسة فی آخر فصل من المطهرات.
[۵]. (حصول الظن بصدقها): ولكن یعتبر عدم الاطمئنان باشتباهها.
[۶]. (عدم معارضتها): أو ما هو بحكم المعارضة.
[۷]. (ذكرا مستند الشهادة): لا یبعد اعتبار ان یكون مورد الشهادة نفس السبب.
[۸]. (كفى فی ثبوتها): بل الظاهر عدم الكفایة الا مع حصول الاطمئنان وكذا الامر فیما بعده.
[۹]. (كافیة): مع ذكر السبب وتوارد الشهادتین علیه ولا یضر عدم تمیزه فعلاً ومن ذلك یظهر حكم الشق الثانی.
[۱۰]. (فالظاهر وجوب الاجتناب): مع الشرطین المتقدمین ولا یضر الاختلاف فی الخصوصیات كالزمان وحینئذٍ یحكم ببقائها الا مع احراز الطهارة اجمالاً فی احد الزمانین ففیه یحكم بالطهارة.
[۱۱]. (وكذا اذا شهدا معاً): مع الشرطین.
[۱۲]. (فالظاهر عدم الكفایة): یجری فیه التفصیل المتقدم فی المسألة الثامنة.
[۱۳]. (مع كونهما عنده): بحیث كانت له الید على بدنهما وثوبهما واما اذا كانت الید لهما فیقبل قولهما لا قوله.
[۱۴]. (صبیاً اشكال): الا اذا كان ممیزاً قوی الادراك لها.
[۱۵]. (یحكم علیه بالنجاسة): فی اطلاقه نظر.
[۱۶]. (رطوبة غیر مسریة): ای مجرد النداوة التی تعدّ من الاعراض عرفاً وان فرض سرایتها لطول المدة، فالمناط فی الانفعال رطوبة احد المتلاقین ولا یعتبر فیه نفوذ النجاسة ولا بقاء أثرها.
[۱۷]. (والمضاف مطلقا): اطلاق الحكم فیه وفیما بعده مبنی على الاحتیاط.
[۱۸]. (عن وجه): وجیه.
[۱۹]. (لاحتمال كونها): لكنه ضعیف.
[۲۰]. (الجمود والمیعان): بل فی الرقة والغلظة والظاهر انهما المیزان لحكم العرف بالسرایة وعدمها.
[۲۱]. (الا مع جریان العرق): فیتنجس ما جرى علیه العرق المتنجس.
[۲۲]. (تنجس): فیما اذا لم یكن الماء یخرج منه بدفع.
[۲۳]. (حكم الاشد): على الاحوط والاظهر جریان حكم الاخف.
[۲۴]. (منجس): فی اطلاق الحكم مع تعدد الوسائط تأمل بل منع.
[۲۵]. (فی الفرض الثانی): بل هو الاقوى فیه.
[۲۶]. (تأثره): قد ظهر مما مر منع اعتباره.
[۲۷]. (فالاحوط فیه الاجتناب): لا بأس بتركه.