فصل فی الوضوءات المستحبة
[۴۸۵] مسئله ۱ : الأقوی کما أشیر إلیه سابقاً کون الوضوء مستحباً فی نفسه [۱] وإن لم یقصد غایة من الغایات حتی الکون علی الطهارة، وإن کان الأحوط قصد إحداها.
[۴۸۶] مسئله ۲ : الوضوء المستحب [۲] أقسام:
أحدها: ما یستحب فی حال الحدث الأصغر، فیفید الطهارة منه.
الثانی: ما یستحب فی حال الطهارة منه کالوضوء التجدیدی.
الثالث: ما هو مستحب فی حال الحدث الأکبر، وهو لا یفید طهارة [۳]، وإنما هو لرفع الکراهة أو لحدوث کمال فی الفعل الذی یأتی به کوضوء الجنب للنوم ووضوء الحائض للذکر فی مصلاّها.
أما القسم الاول فلأمور [۴]:
الأول: الصلوات المندوبة، وهو شرط فی صحتها أیضا.
الثانی: الطواف المندوب ـ وهو ما لا یکون جزءاً من حج أو عمرة ولو مندوبین ـ ولیس شرطاً فی صحة، نعم هو شرط فی صحته صلاته.
الثالث: التهیؤ للصلاة فی أول وقتها أو أول زمان إمکانها إذا لم یمکن إتیانها فی أول الوقت، ویعتبر أن یکون قریباً من الوقت أو زمان الإمکان بحیث یصدق علیه التهیؤ.
الرابع: دخول المساجد.
الخامس: دخول المشاهد المشرفة.
السادس: مناسک الحج مما عدا الصلاة والطواف.
السابع: صلاة الأموات.
الثامن: زیارة أهل القبور.
التاسع: قراءة القرآن أو کتبه أو لمس حواشیه أو حمله.
العاشر: الدعاء وطلب الحاجة من الله تعالی.
الحادی عشر: زیارة الأئمة علیهم السلام ولو من بعید.
الثانی عشر: سجدة الشکر أو التلاوة.
الثالث عشر: الأذان والإِقامة، والأظهر [۵] شرطیته فی الإِقامة.
الرابع عشر: دخول الزوج علی الزوجة لیلة الزفاف بالنسبة إلی کل منهما.
الخامس عشر: ورود المسافر علی أهله فیستحب قبله.
السادس عشر: النوم.
السابع عشر: مقاربة الحامل.
الثامن عشر: جلوس القاضی فی مجلس القضاء.
التاسع عشر: الکون علی الطهارة.
العشرون: مس کتابة القرآن فی صورة عدم وجوبه، وهو شرط فی جوازه کما مر، وقد عرفت أن الأقوی استحبابه نفسا [۶] أیضأ.
وأما القسم الثانی: فهو الوضوء للتجدید [۷]، والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً [۸] فصاعداً أیضاً، وأما الغسل فلا یستحب فیه التجدید، بل ولا الوضوء بعد غسل الجنابة وإن طالت المدة.
واما القسم الثالث فلأمور [۹]:
الأول: لذکر الحائض فی مصلاها مقدار الصلاة.
الثانی: لنوم الجنب وأکله وشربه وجماعه وتغسیله المیت.
الثالث: لجماع من مس المیت ولم یغتسل بعد.
الرابع: لتکفین المیت أو دفنه بالنسبة إلی من غسّله ولم یغتسل غسل المس.
[۴۸۷] مسئله ۳ : لا یختص القسم الأول من المستحب بالغایة التی توضأ لأجلها، بل یباح به جمیع الغایات المشروطة به، بخلاف الثانی والثالث فإنهما إن وقعا علی نحو ما قصدا لم یؤثرا إلا فیما قصدا لأجله[۱۰]، نعم لو انکشف الخطأ بأن کان محدثاً بالأصغر فلم یکن وضوؤه تجدیدیاً ولا مجامعاً للأکبر رجعا إلی الأول، وقوی القول بالصحة وإباحة جمیع الغایات به إذا کان قاصدا لامتثال الأمر الواقعی [۱۱] المتوجه الیه فی ذلک الحال بالوضوء وإن اعتقد أنه الأمر بالتجدیدی منه مثلا، فیکون من باب الخطأ فی التطبیق وتکون تلک الغایة مقصودة له علی نحو الداعی لا التقیید بحیث لو کان الأمر الواقعی علی خلاف ما اعتقده لم یتوضأ [۱۲]، أما لو کان علی نحو التقیید کذلک ففی صحته حینئذ إشکال [۱۳] .
[۴۸۸] مسئله ۴ ذ: لا یجب فی الوضوء قصد موجبه، بأن یقصد الوضوء لأجل خروج البول أو لأجل النوم، بل لو قصد أحد الموجبات وتبین أن الواقع غیره صح، إلا أن یکون علی وجه التقیید [۱۴].
[۴۸۹] مسئله ۵ : یکفی الوضوء الواحد للأحداث المتعددة [۱۵] إذا قصد رفع طبیعة الحدث، بل لو قصد رفع أحدها صح وارتفع الجمیع، إلا إذا کان قصد رفع البعض دون البعض فإنه یبطل، لأنه یرجع إلی قصد عدم الرفع.
[۴۹۰] مسئله ۶ ذ: إذا کان للوضوء الواجب غایات متعددة فقصد الجمیع حصل امتثال الجمیع [۱۶] وأثیب علیها کلها، وإن قصد البعض حصل الامتثال بالنسبة إلیه ویثاب علیه، لکن یصح بالنسبة إلی الجمیع ویکون أداءاً بالنسبة إلی ما لم یقصد، وکذا إذا کان للوضوء المستحب غایات عدیدة، وإذا اجتمعت الغایات الواجبة والمستحبة أیضاً یجوز قصد الکل ویثاب علیها وقصد البعض دون البعض ولو کان ما قصده هو الغایة المندوبة، ویصح معه إتیان جمیع الغایات، ولا یضر فی ذلک کون الوضوء عملاً واحداً لا یتصف بالوجوب والاستحباب معاً ومع وجود الغایة الواجبة لا یکون إلا واجباً، لأنه علی فرض صحته لا ینافی جواز قصد الأمر الندبی وإن کان متصفاً بالوجوب، فالوجوب الوصفی لا ینافی الندب الغائی، لکن التحقیق صحة اتصافه فعلاً [۱۷] بالوجوب والاستحباب من جهتین.
[۱]. (مستحباً فی نفسه): مر عدم ثبوته، وكونه عبادة لا یدل على تعلق الامر به، فانه یكفی فی عبادیته قصد التوصل به الى محبوب شرعی ولو بتوسط أثره وهی الطهارة.
[۲]. (الوضوء المستحب): لا یراد به الاستحباب بالمعنى الاخص فانه غیر ثابت فی جملة من الموارد المذكورة.
[۳]. (وهو لا یفید طهارة): من المحتمل افادته مرتبة منها.
[۴]. (اما القسم الاول فلامور): لم یثبت استحبابه فی جملة من الموارد المذكورة ـ كجلوس القاضی فی مجلس القضاء ودخول المشاهد وغیرهما ـ نعم لا اشكال فی استحبابه من جهة كونه محصلاً للطهارة، وهی محبوبة على كل حال.
[۵]. (والاظهر): بل الاحوط
[۶]. (استحبابه نفساً): مر الكلام فیه
[۷]. (الوضوء للتجدید): القدر المتیقن من استحبابه التجدید لصلاتی الصبح والمغرب ولا یبعد استحبابه لكل صلاة فیؤتى به فی غیر ذلك رجاءً.
[۸]. (والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً): وعلى ما تقدم یمكن فرضه بان یجدده اولاً للظهر ثم للعصر ثم للمغرب ثم للعشاء.
[۹]. (واما القسم الثالث فلامور): لم یثبت استحبابه فی بعضها، وقد تقدم الكلام فی الوضوء لأكل الجنب وشربه.
[۱۰]. (الا فیما قصدا لاجله):هذا تام فی القسم الثانی ـ فلو توضأ تجدیدیاً للمغرب مثلاً لم یعد هذا وضوءاً تجدیدیاً للعشاء ـ ولكن لا یتم فی القسم الثالث.
[۱۱]. (اذا كان قاصداً لامتثال الامر الواقعی): بل یكفی وقوعه بقصد القربة بای نحو كان.
[۱۲]. (لم یتوضأ): لیس ما ذكره قدس سره ضابطاً للتمییز بین التقیید والتوصیف، ولا اثر للعزم على عدم الإتیان بالفعل عند عدم الخصوصیة اصلاً، بل الفارق بینهما ان فی التقیید یكون الامر خیالیاً لا واقعیة له لتحدیده بالخصوصیة المتوهمة فی الرتبة السابقة على جعله مرآةً للواقع وحاكیاً عنه، واما فی التوصیف فذات الامر لها واقعیة ـ دون الخصوصیة ـ لان توصیفه بها یأتی فی الرتبة المتأخرة عن جعله مرآة للواقع.
[۱۳]. (اشكال): بل منع كما تكرر منه قدس سره بناءاً على عدم تحقق العبادیة الا بالانبعاث عن الأمر الواقعی، ولكن المبنى ممنوع بل یكفی وقوع العمل على وجه الانقیاد والتخضع له تعالى، وهو متحقق فی الفرض، ولا یضر به كون الامر خیالیاً، نعم مع التشریع فی ذات الامر المنبعث عنه لا فی صفته لا محیص من الحكم بالبطلان، والتفصیل موكول الى محله.
[۱۴]. (الا ان یكون على وجه التقیید): مرالكلام فیه.
[۱۵]. (للاحداث المتعددة): الحدث الاصغر لا یتعدد والوضوء على وجه قربی رافع له ولا یعتبر قصد الرافعیة كما ان قصد رفع البعض دون البعض لغو.
[۱۶]. (حصل امتثال الجمیع): بشرط كونه موصلاً الیها وكذا الحال فی الاداء لاختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة كما هو مختاره ایضاً، وعلیه یبتنی ما ذكره من توقف الامتثال على قصد الغایة.
[۱۷]. (لكن التحقیق صحة اتصافه فعلاً): لان مختاره قدس سره انهما خلافان ولا تضاد بینهما بالمعنى المعقول فی الوجوب والحرمة حتى فی مرحلة الاتصاف وان ادّعاه المحقق صاحب الحاشیة قدس سره وقد اشار الیه فی المتن وبینه فی رسالة اجتماع الامر والنهی الصفحة ۹۴، ولیس كلامه مبنیاً على جواز اجتماع الامر والنهی ومبتنیاً على اساسه من تعدد الحیثیة كما ادعاه جمع وانكروا علیه بانه اجنبی عن المقام، والحق عندنا صحة المدعى فی الوجوب المقدمی والاستحباب النفسی ببیان ذكرناه فی محله، واما حدیث الاندكاك والتأكد فلا محصل له.